الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

أغراب إحنا يَا هَوى لو تِجمعنا الديِّار *










كثرة الكلام تؤدي إلى الإفراط ، والإفراط في أي شيء غير مرغوب ..أفهَم ذلك جيداً يا صَبيِّ!




ها أنت تصمت الآن كرجلٍ أخرس ولا تستطيع أن تتمدد بالحديث كالسابق ، تَشكو الغياب وقلة النسيَّان،
تبحث عن أشياء كثيرة تؤدي إلى ضياعُكَ أكثر، و أنا يَضيقُ الكلام بيّ يستند على صدري عله يشفعُ له
فينام ليجد مُلاذهُ الوحيد.الأحياء الذينَ يَفتقدون رغبة العيش في حياة أكثر بؤساً يَفرغون طاقتهم بالنوم الطويل،
الذي لا ينتهي عند حد معين لعل الله يَمدُهم برائحة حياة أفضل من ذلك.



لاشيءَ مُغري يَستفز جوارحك للبقاء ما دُمتَ على الأرض وتُريد أن تحب الليل، لِيكن لك صديقاً حميماً
تُغازلُ أطراف حُزنك معه كلما شئت، وترتميِّ بينَ ذراعية كلما أردت الانكسار، فالليل كائن قاسٍ لا يُمكن
أن يَفعل شيء من أجلك إذا لم تعرف طريقة التفاهم معه، يَتعاكس مع اتجهاَتِك التي تُريد أن تسلكها،
لا يَفهَمُكَ سريعاً، يعبث بكَ حتى تَسخر من نفسك ثم يضحك بأعلى صوته عليك وتعود متقوساً بأحزانك
من جديد، مكرراً نَفس الخيبة بتوبيخِ نفسك حتى الموتَ بكاءً .. أنت مَخلوق ضَعيف جداً ، وسيء، وغير مُفيد في أي شيء أبداً.



أنت العدد الزائد الذي يُثير استفزاز الكون بِشدة ، غاز مؤكسد إلا أن هُناك من لا يَستطيع
أن يزفركَ خارجه، وأنا لستُ إلا مرآتك العاكسة في كل شيء، لذلك تَكرهُني كثيراً وتطلبُ البقاء
بعيداً عني كي لا تنظر إلى نفسك في كل مرةٍ بي.


اقرأ الرسالة على مهل وأنا واضعاً قدمَاي على الأريكة التي كنا نَجلس عليها سوياً، اقرأ
وأنا أسخر من نفسي وأضحكُ على ذلك الغباء الذي جَعلُني أفرطُ بك بِهذهِ السهولة.
فَقدتُكِ يا سارة وأنا الضائِعُ بعدكِ،الرجل الفقير إليك يطلب الغُفران يا مغفرة الله التي يَهديها إلى العباد.

أغلقتُ الرسالة الأخيرة بَعد رحيلُها ونمتُ وحيداً عارياً من كل شيء، نمتُ وجسدي
هذهِ المرة لا يلتصقُ بِجسدك ورأسُكِ بِعيداً عن صدري.

















تك . تك (8:30 : ص )

كَعادته يَطرق باب شَقتيِّ ويدخل قبل أن أسمح لهُ كل صَباح ، لِيُوقضُني من موتي الصغير
وحزني العميق الذي يُصاحبني كل لليلة. سامي صديقي الوحيد الذي خرجتُ به من هذهِ الدنيا
والعجوز الحكيم، صديقي الذي يُثارُ غَضبه من هذا البرود الذي يَّبسَ مشاعري، ويصرُ على إعادة
تكويني من جديد و إعادتي إلى الكائن الذي كان صديقة قبل سنتين من الغياب .


يَصرخُ بأعلى صوته وهو يَقف على رأسي:

- هيه ألم تَنظر إلى ساعتك الآن إنها الثامنة موتاً ، الثامنة انتظاراً.
ألستُ تَنتظر الساعة التي سَتُنجيك من جحيّم هذا العذاب. هذا الوقت
أتى إليكَ بقدميه لِيصطحِبكَ معه، حان وقت الانتهاء من النحيب الذي يَخرجُ
من نافذتك كل لليلة لِيصل إلى أذنيَّ يارويس، استيقظ هيا واستبدل رائحتك اليائسة،
وأذهب إلى المكان التي أضعتها منك سابقاً، لعلها تأتي فتطلب منها الغفران وتَغفر لك قبل ساعة موتك.




ليسَ بيدي إلا أن أتحدثُ معه كالطفل الذيَّ يشكو لأبيه خوفَهُ من الذهاب إلى المدرسة،
إني يا سامي أخشى الخيبة.الخيبة ابنة عم الانتظار. كلما مازادت وطأة الانتظار ازداد حجم الخيبة.
نعم الانتظار الذي لا يجلبُ شيء في نهايته خيبة، أخافُ ألا تأتي، أو تأتي ولا تغفر ليَّ.
المرأة التي تتألم كثيراً لا تَغفرُ هل سَمعت ما أقوله؟ لا تغفر، وتصبح مَخلوقاً بنظرة مُختلفة
أكثر عتمة وتَبهت الروح اليانعة بها، كل شيء في عينها يُصبِحُ مُرّاً كمرارة الألم الذي أعتصر
بِداخلِها .. أرجوك لا تُطيل الحديث. دَعني أنام طويلاً، أو دعني أموت.



- لكنها حينما تُحب يا عزيزي تَغفر!

استيقظت وأنا اليأس الآن، ليس بِوسعيِّ ألا أن أسيرُ مع الحديث الذي أسمعه من سامي
حينما يكون غاضِباً وخائفاً علي، أحملُ أحلامي معي إلى البُحيرة الصغيرة التي كنا نلتقي عندها،
متوسلاً للانتظار ألا يطول.

استندتُ على أرض صلبة. بدأت أجمع الأسئلة وأرسلها إلى السماء الغائمة لِتعودُ بِسقوطُها مع المطر عليِّ من جديد.
وأي بلاهة أفعلُها الآن ، أعلم أنها لن تأتي الحمقاء، لماذا أنتظر إذاً ؟!



الساعة تُشير إلى الساعة الثانية عشر صَباحاً وهيَ لم تأتِ بعد الشمس تبدو حارقة جداً الآن،
أرجوك إني أحترقُ لأجلك، هل سَتأتين يا حمقاء لأرانيِّ بك من جديد .. اشتقت إليَّ كثيراً ، وإلى تلك الصورة التي أراكِ بها ؟!















- أنا خلفَك الآن يا رويس.

أتى صوتُها إليَّ، ناعمٌ، هادئ .. كم كُنت أتذكره ، ألتفت إلى الخلف لم أجدها، وأصبحت أدور، أدور حولي ولم أجدها أيضاً.
هل كنتُ أتخيلُ صوتها ، هل وصلت بيَّ الحالة الطويلة من الانتظار للهذيان بها، كلا إنّها ساحرة، غبية، مجنونة، وتُريد أن تَسخر مني!

- لا، أنا لا أريد أن أسخر منك أنا خلفُكَ حقيقةً ليس خيال ، لكنك لا تستطيع النظر إليِّ من جديد فالمرآة
التي كانت بي تَهشمت لذا لن تراني من جديد و إنْ كنتُ أمامك ، فأنت حين أضعتني يوماً تركتني خلفك و نسيتني
وبقيت في مكاني حتى الآن.


الأشياء التي نُفرط بِها يوماً بِحثاً عن شيء جديد لن تأتي أمامناً حينما نُريدها سَتبقى خلفَنا وتكون غريبة عنا تماماً،
فلا نستطيع أن نُدير رؤوسنا للنظر إليها.


كنتُ طيلة ذلك الوقت أتوسلُ إليها أن تَعود، حتى اختفى صوتُها تماماً واختفت.ارتميتُ على الأرض وتمنيت الموت حينها.

تباً، الخيبة هي البحث بمعيّةِ جسدٍ ميّت عن مكانْ في هذه الحياة بعد أنْ اكتفتْ الأمكنة.



بعد ما فات الأوان وانتهينا يا زمان
جاي تقولي بالوفا ننسى آهات العذاب *


ليست هناك تعليقات:

  ©تموت الأشياء

تصميم و تركيبSILENT | Topo